من طرف الثلج الاسود السبت مايو 31, 2014 7:30 am
قوله تعالى : لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما
[ ص: 327 ] أراد ما تفاوض به قوم بني أبيرق من التدبير ، وذكروه للنبي صلى الله عليه وسلم . والنجوى : السر بين الاثنين ، تقول : ناجيت فلانا مناجاة ونجاء وهم ينتجون ويتناجون . ونجوت فلانا أنجوه نجوا ، أي ناجيته ، فنجوى مشتقة من نجوت الشيء أنجوه ، أي خلصته وأفردته ، والنجوة من الأرض المرتفع لانفراده بارتفاعه عما حوله ، قال الشاعر :
فمن بنجوته كمن بعقوته والمستكين كمن يمشي بقرواح فالنجوى المسارة ، مصدر ، وقد تسمى به الجماعة ، كما يقال : قوم عدل ورضا . قال الله تعالى : وإذ هم نجوى فعلى الأول يكون الأمر أمر استثناء من غير الجنس . وهو الاستثناء المنقطع . وقد تقدم ، وتكون " من " في موضع رفع ، أي : لكن من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ودعا إليه ففي نجواه خير . ويجوز أن تكون " من " في موضع خفض ويكون التقدير : لا خير في كثير من نجواهم إلا نجوى من أمر بصدقة ثم حذف . وعلى الثاني وهو أن يكون النجوى اسما للجماعة المنفردين ، فتكون " من " في موضع خفض على البدل ، أي لا خير في كثير من نجواهم إلا فيمن أمر بصدقة . أو تكون في موضع نصب على قول من قال : ما مررت بأحد إلا زيدا . وقال بعض المفسرين منهم الزجاج : النجوى كلام الجماعة المنفردة أو الاثنين كان ذلك سرا أو جهرا ، وفيه بعد . والله أعلم . والمعروف لفظ يعم أعمال البر كلها . وقال مقاتل : المعروف هنا الفرض ، والأول أصح . وقال صلى الله عليه وسلم : كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق . وقال صلى الله عليه وسلم : المعروف كاسمه وأول من يدخل الجنة يوم القيامة المعروف وأهله . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره ، فقد يشكر الشاكر بأضعاف جحود الكافر . وقال الحطيئة :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس وأنشد الرياشي :
يد المعروف غنم حيث كانت تحملها كفور أو شكور ففي شكر الشكور لها جزاء وعند الله ما كفر الكفور وقال الماوردي : " فينبغي لمن يقدر على إسداء المعروف أن يعجله حذار فواته ، ويبادر [ ص: 328 ] به خيفة عجزه ، وليعلم أنه من فرص زمانه ، وغنائم إمكانه ، ولا يهمله ثقة بالقدرة عليه ، فكم من واثق بالقدرة فاتت فأعقبت ندما ، ومعول على مكنة زالت فأورثت خجلا ، كما قال الشاعر :
ما زلت أسمع كم من واثق خجل حتى ابتليت فكنت الواثق الخجلا ولو فطن لنوائب دهره ، وتحفظ من عواقب أمره لكانت مغانمه مذخورة ، ومغارمه مجبورة ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من فتح عليه باب من الخير فلينتهزه فإنه لا يدري متى يغلق عنه . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لكل شيء ثمرة وثمرة المعروف السراح . وقيل لأنوشروان : ما أعظم المصائب عندكم ؟ قال : أن تقدر على المعروف فلا تصطنعه حتى يفوت . وقال عبد الحميد : من أخر الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها . وقال بعض الشعراء :
إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل خافقة سكون ولا تغفل عن الإحسان فيها فما تدري السكون متى يكون وكتب بعض ذوي الحرمات إلى وال قصر في رعاية حرمته :
أعلى الصراط تريد رعية حرمتي أم في الحساب تمن بالإنعام للنفع في الدنيا أريدك ، فانتبه لحوائجي من رقدة النوام وقال العباس رضي الله عنه : لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال : تعجيله وتصغيره وستره ، فإذا عجلته هنأته ، وإذا صغرته عظمته ، وإذا سترته أتممته . وقال بعض الشعراء :
زاد معروفك عندي عظما أنه عندك مستور حقير تتناساه كأن لم تأته وهو عند الناس مشهور خطير ومن شرط المعروف ترك الامتنان به ، وترك الإعجاب بفعله ، لما فيهما من إسقاط الشكر وإحباط الأجر . وقد تقدم في " البقرة " بيانه .
قوله تعالى : أو إصلاح بين الناس عام في الدماء والأموال والأعراض ، وفي كل شيء يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين ، وفي كل كلام يراد به وجه الله تعالى . وفي الخبر : ( كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر لله تعالى ) . فأما من طلب الرياء والترؤس فلا ينال الثواب . وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : رد الخصوم حتى يصطلحوا ، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن . وسيأتي [ ص: 329 ] في " المجادلة " ما يحرم من المناجاة وما يجوز إن شاء الله تعالى . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال ، : من أصلح بين اثنين أعطاه الله بكل كلمة عتق رقبة . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب : ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله ، تصلح بين أناس إذا تفاسدوا ، وتقرب بينهم إذا تباعدوا . وقال الأوزاعي : ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة في إصلاح ذات البين ، ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار . وقال محمد بن المنكدر : تنازع رجلان في ناحية المسجد فملت إليهما ، فلم أزل بهما حتى اصطلحا ؛ فقال أبو هريرة وهو يراني : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أصلح بين اثنين استوجب ثواب شهيد . ذكر هذه الأخبار أبو مطيع مكحول بن المفضل النسفي في كتاب اللؤلئيات له ، وجدته بخط المصنف في وريقة ولم ينبه على موضعها رضي الله عنه . و " ابتغاء " نصب على المفعول من أجله . |
|
الأربعاء مايو 08, 2024 8:53 pm من طرف مدام ششريهان
» زعفران العز الملكي
السبت أبريل 27, 2024 6:36 pm من طرف مدام ششريهان
» دليلك لمنتجات العناية بالطفل على ويلنس سوق
الأربعاء أبريل 24, 2024 9:45 pm من طرف جنى بودى
» افضل فنادق مكة والمدينة
الأربعاء أبريل 24, 2024 12:44 am من طرف جنى بودى
» دليلك لمنتجات العناية بالطفل على ويلنس سوق
الأربعاء أبريل 24, 2024 12:43 am من طرف جنى بودى
» موسم الحج والعمرة وحجز فنادق
الإثنين أبريل 22, 2024 10:10 pm من طرف جنى بودى
» موسم الحج والعمرة وحجز فنادق
السبت أبريل 20, 2024 2:14 am من طرف جنى بودى
» منتجات كيو في على ويلنس سوق: الحل الكامل لجميع احتياجات العناية بالبشرة
السبت أبريل 20, 2024 2:06 am من طرف جنى بودى
» حجز فنادق مكة والمدينة
الأحد أبريل 14, 2024 10:55 pm من طرف جنى بودى
» اعداد رسائل الماجستير و الدكتوراه بكل اريحية
الخميس أبريل 11, 2024 8:21 pm من طرف مدام ششريهان